صلاح بديوي يكتب

هذه هي حقيقة ما يحدث في سيناء منذ اواخر سنوات حكم مبارك وحتي الان

-------------------------------

طوال فترة التسعينات من القرن الماضي كانت شبهة جزيرة سيناء منطفة امنة وكنا في ثلاثينات العمر من فترة شبابنا  نذهب مع وفود من الزملاء بنقابة الصحفيين الي مدينة العريش العزيزة للاصطياف والسياحة ونقضي اسبوعا او اكثر علي شاطيء بحرها الهادي والذي لم يكن يعكر صفوه الا قناديل البحر في بعض الاوقات ،وكنا نجوب شمال سيناء ونذهب في رحلات سفاري لوسطها فلا نجد الا الخير والسلام والامان والحب ،كما كان يحلو لنا ان نذهب الي حدود رفح المصرية للتسوق من هناك و للنظر الي حدودنا مع  فلسطين المحتلة والقاء نظرة كراهية وعداء الي  جنود العدو الاسرائيلي المغتصبين لها في ابراجهم التي شيدوها علي حدودنا ،كان اهل سيناء طيبون للغاية وفي منتهي الاخلاق والكرم ،لم نري منهم الا كل الخير والحب والسلام ،وكنا نراهم يعانون من بعض المشاكل الحياتية البسيطة مثل نقص الخدمات الاساسية وكانوا يطالبون بوضع نهاية لمعاناتهم وحقهم في مشاريع التنمية بعد تحررهم من الغزو الاسرائيلي ،وكان املاً كبيراً يراودهم بعد ان بدأت مياه ترعة السلام تصل الي سيناء وحتي السر والقوارير في جنوب العريش .

 

وبمرور الايام بدأ أهل سيناء يشتكون من ظروفهم الاقتصادية والبطالة التي يعانيها شبابهم ونقص خدمات الصحة والتعليم والوقود والكهرباء والمياه ويقارنون بين وضعهم الذي يعيشونه ووضعهم ايام الاحتلال والذي كان افضل بالنسبة لهم ،وعلي الرغم من ذلك كانوا يفتخرون بأنهم مواطنون مصريون ،وفي ظل ضيق العيش اجبر شبابهم ان يعمل في مجالات التهريب مثل تهريب المهاجرين والسلاح والمخدرات ..الخ،وبدلاً من بحث أسباب المشكلة والعمل علي مواجهة معاناتهم الحياتية وايجاد فرص عمل لهم ،واجهتهم الأجهزة الامنية بالحل الأمني وبدأت مباحث امن الدولة منتصف التسعينات تحديدا تعربد في سيناء وتعيث فسادا ،حيث اقتحمت المنازل وتجمعات البدو واهدرت الكرامة والاعراض والدماء،وهذا ان تقبله الناس علي مضض في اجزاء واسعة من مصر   ، لم يتعود عليه  البدوي  من اهل سيناء في ظل تقاليد حياته الصارمة التشدد ،وهو ما دفع شباب متدين من ابناء البدو لتكفير عناصر امن الدولة والدولة المصرية ككل والخروج عليها  في الاعوام الاخيرة من حكم مبارك .

 

وهنا استغل الموساد الاسرائيلي الفرصة ودخل علي الخط حيث ادخل تهريب السلاح وبيعه برخص التراب لتلك الجماعات التي نظمت نفسها ولم تعد تفرق بين اجهزة الامن المصرية والاسرائيلية وبدأت في مهاجمة القوات المصرية  ولاذت تلك العناصر التكفيرية لمرتفعات جبل الحلال الوعر بوسط سيناء واختبأت هناك في ملاذات امنة ،وكلنا يذكر كيف دارت معارك وعرة بين تلك العناصر المسلحة وبين القوات المصرية اواخر حكم مبارك ،وتكاثرت تلك الجماعات المسلحة حتي تعدت ال21 فصيلا الان ،وكانت تلك الجماعات اعلنت اواخر سنوات حكم مبارك اقامة امارة اسلامية في سيناء بالشرق لمواجهة الحكم الكافر بالقاهرة ،وعندما قامت ثورة 25يناير المجيدة استبشرت تلك الجماعات خيرا بانهاء معاناتها والاهتمام بمشاكل سيناء والعودة لحضن الوطن والقاء السلاح ،لكنها فوجئت ان لا تغيير وان الاوضاع كما هي وان الذي سقط رأس النظام فقط ،حتي عندما انتخب المصريون الرئيس محمد مرسي لم تلحظ تلك الجماعات اي تغيير لان سياسات الاجهزة الامنية تجاهها ظلت كما هي .

 

وحاول الرئيس محمد مرسي واخوانه ان يحتوي تلك الجماعات ويمنعها من قتل جنود مصر ومهاجمة مظاهر سيادة الدولة المصرية علي سيناء ودخل مع رموز قريبة منها في  سلسلة حوارات متصلة واتفقوا علي حلول لمعاناة اهل سيناء من شأنها ان نفذت ان تضع نهاية للدماء التي تراق وتوقف اعمال العنف ،الا ان الاجهزة الامنية كانت بالمرصاد لتلك الاتفاقات وافشلتها وافقدت العناصر المسلحة الثقة في الدكتور محمد مرسي وفي اتفاقاته معها ،كانت مخططات الاجهزة الامنية المصرية شيطانية ولايمكن وان تكون الا لصالح تل ابيب ،حيث ارتدت قميص حماس وباتت تحملها كذبا كل ما يحدث بسيناء ،وعمقت تلك الاجهزة من الهوة بين ابناء مصر بسيناء جنودا وشعبا وتسببت في تغذية عمليات العنف ،ومما ساهم في توتر الموقف واستشراء ظواهر العنف في سيناء الانقلاب الذي حدث في 3يوليو والذي اعطي انطباع للجماعات التكفيرية المسلحة ان ما تقوم به ضد الجيش المصري هو الحق لكون انه جيش قياداته كارهة للاسلام وجزء من المنظومة الصهيونية في المنطقة .

 

وللأسف يساهم الانقلابيون في تعميق هذا الاحساس بشكل يومي الان  ضد الجماعات المسلحة بسيناء ليس لانهم اعلنوا الحرب علي اهل سيناء كافة ،بعد ان اعلنوا الحرب علي الاسلاميين واتهموهم بالارهاب في عموم مصر ،وهاجموا مدن سيناء وقري وبلدات وتجمعات البدو وهدموا منازل واتلفوا مزارع وممتلكات وقتلوا ابرياء ونهبوا منازل عبر قواتهم فحسب ،انما لانهم يستعدون الان لتشييد منطقة عازلة بطول قطاع غزة تنفيذا لما يريده الحلف الصهيوني الامريكي ولاجل اقامة تلك المنطقة  يخوض الجيش المصري  معارك واسعة الان مع اهل سيناء .بينما يقف المخلصون لمصر يتطلعون لعقلاء يوقفون شلالات الدم و ينقذون الوطن وامنه القومي  من سياسات الانقلابيين التي تقود بلادنا للتجزئة وتخدم اهداف ومخططات الحلف الصهيوني الامريكي .